هذا ليس كل شيء

وأدرك مع دقات الساعة التي لا يؤنس غيرها وحشة الجدران في غيابه أنه قريبًا، يبحث تساؤل غض في سنوات عمري ويسأل عما حُرث فيها وعما أثمرت، يقرأ قصاصاتي ولا يقتنع أن هذا كل شيء، يترقب كتاباتي كما أترقب كتابات من سبقونا إلى منتصف العمر ويهمس في نفسه حتى أسمعه: “هذا ليس كل شيء” فأبتسم – تمامًا كما يبتسم أحدهم عندما أهمس بذات الشيء وأنا مازلت في بواكير سني عمري أن هذا ليس كل شيء وأراه يجيبني ويعلمني كيف أجيب لاحقًا: “ليس كل شيء للقصص وعلى الطريق تتعرفين أفضل على الأشياء…”

في غمرة التغيرات التي تدركني وحواسي التي تتضاعف وإدراكي الذي دونما قصد مني يتنامى ألمس البعد الذي لم أكن أراه يومًا ولم أشمه مسبقًا ولم يمر على ذاكرتي الحسية أبدًا، لم أسمعه ولم أتذوق مثله… أدرك في رحلتي التي قد تبدو طويلة ولكنها قصيرة للغاية أن سطح العالم ليس رقيقًا كي أصرخ “وجدتها” وليس عصيًا حتى أن امرأة في قمة ضعفها استطاعت أن ترى من خلاله…

أرقب أولئك الذين سبقونا إلى منتصف العمر، لازال في العمر بقية؛ ترى ماذا تحمل؟

تسكن الفراشة على سقف غرفة المعيشة وسطنا، كانت يرقة مسكينة منذ أيام حملها الهواء إلى شباكنا؛ لا تدرك جمالها ولا جناحيها… أتسائل: “إلى متى ستبقى ساكنة قبل أن تدرك فتحلق؟” لا إجابة…

أتسائل؛ لعلي أرى فيها انعكاسة شيء مني… ولكن، أدرك أن لا جناحان لديّ فأكف عن التساؤل.

في الصمت يتجلى صدى الأشياء ولا شيء يغمرني في صمتي قدر دقات الساعة…

بلسمًا

كعك خالتو