صور كعك العيد بين الوصفات والتسويق تملأ الفضاء الالكتروني بينما تأخذني بعيدًا عن حافزية صنعه أو شراءه.
تأخذني الصور إلى بيت خالتو في العمرانية، ليلة العيد؛ حينما كنّا صِغَارًا…
إلى محاولاتنا الفاشلة دومًا في صناعة كعكة مستديرة وإتقان ماما وخالتو والنسوة الأخريات لذلك…
إلى ترقبنا الطفولي لكل كعكة وهي ترص على الصاج الأسود الكبير واحدة تلو الأخرى وتخيلنا للحظات التهامها..
عودة الصاج من الفرن والكعك طازج حيث تزيننه بالسكر المطحون؛ فأسرق السكر لأَنِّي أحب السكر أكثر من الكعك ذاته…
كانت ليلة العيد دومًا دافئة ومليئة برائحة العجين وأحاديث النساء التي لا أذكر منها شيئًا وألاعيبنا الطفولية وحرارة الصاج العائد بالكعك من الفرن…
وكان العيد دومًا طازجًا ودافئًا بجمعتنا…
ولت طفولتنا وتسابق سنوات أعمارنا الرياح هربًا من بين أيدينا ونجد أنفسنا نقف وحيدين في الدنيا…
غُيبت خالتو عن العيد القادم، والذي يليه وهلم جرًّا وبقيت الذكرى تدفء قلوبنا وتحاول الحفاظ عليها غضة… شيء فينا مع الغياب يشيب فجأة…
لم أعد أحب السكر.. أصبحت قهوتي وكاسة الشاي خاصتي بدونه وحتى كعك العيد، لن أطمع في رشة زائدة عليه…
ولكني مازلت أحب خالتو
ومنذ غُيِّبت حبيبتي وفي قلبي بستان لا رثاء فيه، ولكن زهور كثيرة يانعة لكل ذكرى رزقت تكوينها معها…
منذ غُيِّبت حبيبتي ودفء روحها يغمرني…
سيأتي العيد يا خالتو قريبًا، عيدُ الفطر الرابع دون جَمعتنا وعيد الفطر الأول دون صوتك “كل سنة وانت طيبة يا سمسم”…
سيأتي العيد يا خالتو ومعه أتم عامًا جديدًا من عمري، وأنا أرى أمام عيني دعواتك الحنون تتحقق ليّ؛ سيأتي، ويبقى الدعاء بيني وبينك عامرٌ كما كان دومًا…
سيأتي العيد يا خالتو؛ ورغم الغياب.. دفء روحك فينا حاضرٌ.
6:25
اسطنبول