الطبق الأزرق المائل للخضرة مرسال الهدايا

هذا ليس لوني المفضل لذلك لا يأسر عيني كلما رأيته، ربما أراه كثيرًا وأنسى رؤيته، إلا أنني حين كنت أبحث عن شيء أضع فيه القليل من الطعام لم أكن لأختاره – بالطبع أختار طبقي الأبيض ذو الفراشات البنفسجية المستطيل وليس المربع؛ لأنه يسعدني – ولكنني رأيته وكأنما هو في غير موضعه، فاقد هدفه في الحياة، وينتظر الضوء ليدخل مع كل فتحة للدولاب يتمنى أن تمسه يد آدمية دافئة؛ وتنكسر روحه مع كل إغلاقة لا يكون فيها على ناحية النور.

كانت يدي قد امتدت بالفعل لطبقي الذي يسعدني؛ إلا أن هذه المرة لم تتحرك عيناي عن الطبق الأزرق المائل للخضرة؛ هذا لون جارتي المفضل – التي وإن حتى تركت المنطقة أظل أشعر معها ومعها فقط بألفة الجيرة وروعة تشارك الطعام ولا أدري كيف أشم في حضورها عبق المنازل الدافئة – كان مرسالًا للطعام فيما بين شقتينا التي كانتا فعلًا “الباب في الباب” كان يعبر بكل جميع من الطعام والحلوى – بالطبع أنا كنت أصنع الحلوى وجارتي كانت تصنع كل جميل – وحين سافرت صاحبته ثم غادرت شقتها؛ تركته لدي، وبينما كان يستعد للعودة إليها كانت تقول: افتكريني به.

تأملته مليًا وأنا أسترجع الذكريات التي كان دومًا جزئًا منها.. كان عاملًا جميلًا من عوامل الدفئ وكان شاهدًا على خير جيرة.

عاتبت نفسي لأن يدي لا تمتد إليه في البداية، وابتسمت له.. كل جماد بداخله ذرات لا تسكن؛ عندما لمسته أحسست به يرتجف كمن لا يصدق نفسه – أو ربما كانت تلك يدي ولكن لا يهم.

الطبق الأزرق المائل للخضرة مرسال الهدايا يقبع الآن على الطرق الآخر من الدولاب حيث النور.. ينير قلبي بذكرياته الدافئة ويشاركني لُقمة لازمة قبل الدواء ويؤكد لي أن أحيانًا يفوتنا جميل الحياة وفيض المشاعر حين نركن إلى مساحة آمنة..

نعم يا طبق جارتي الغالية.. أنا أفتقد هذا الدفئ وقد أثرت بي الشجن؛ لعلك الآن هادئ الحياة لا تتلقفك الأبواب محملًا بالهدايا.. لكنك شاهدٌ جميل على خير كثير.. لم تفتك الحياة ولم ينته دورك… ولربما يومًا.. ربما.. يومًا.. تعود الجيرة؛ فتعود الهدايا.. فتتلقفك الأبواب إلى ما لا نهاية.

أسماء

اسطنبول، فجرًا

نكسافيه هذه الأيام

المتمردة والمحفظة البيضاء ذات الشريطة البنية اللامعة