الخبز 101… «العيش البلدي المصري» والمحبة الصافية

«ستي كانت تقوم الفجر تخبز…»

سمعت هذه العبارة كثيرًا ولم أقلها ذلك لأنني لم أر جدتاي رحمها الله تخبزان، فستي أم أمي توفيت قبل ولادتي بزمن، وستي أم أبي كانت معلمة ولكنها دومًا تقدر الرغيف الساخن وتخبئه لي بكل الحب.

لدى فتياتي جدة تخبز وما أجمل خبزها، أم زوجي الجميلة ذات اليدان المباركتان، وأمي كذلك تخبز كل حلو ممكن ويخرج من تحت يديها كل ما لذ وطاب… لذا فتياتي لن يجدن غضاضة؛ ولكنني قررت أن أخبز فجرًا، لحفيداتي، وحفيداتهن، ولأتمسك بالأمل اليوم وبالمحبة؛ كل يوم.

في البدء يبدو الأمر سهلًا، كيلو دقيق، ملعقة كبيرة من الخميرة الفورية، ملعقة كبيرة من السكر، ملعقة صغيرة من الملح وماء دافئ للعجن… ثم يتبدى لك استحقاق الفخر في كلمات الأحفاد!

في البداية وفي طبق عميق، «ننخل» المكونات اليابسة سويا، أنا أستخدم المصفاة العادية والهدف من ذلك هو السماح بأكبر كمية من الهواء لتتخلل العجين. بعدما ننتهي من وضع المكونات اليابسة نقول بتقلبيها مرة أخرى للحصول على التوزيع المثالي، ومن ثم نبدأ في وضع الماء الدافئ، في معظم الأحوال يتكون كيلو الدقيق من 8 أكواب، ونكافئه بحوالي 5 أكواب من الماء الدافئ… الدافئ لا يعني المغلي، لذلك حتى وإن غليت الماء، اتركيه قليلًا ليبرد.

بعد ذلك نبدأ في العجن وفرد وطي العجين، بالطبع في هذه اللحظة تفضلون فيديو، ولكن دعونا نقول الآتي، بعد العجن والتأكد من خلط المكونات تمامًا، سيتكون لدينا عجين لزج بعض الشيء، أشبه ما يكون بالعلكة، وفي صحن بجوارك ضعي بعض الماء والزيت واخلطيهم وبللي يداك بهم حتى لا يلتصق بها العجين… قومي بفرد العجين ببطن يدك إلى الأمام ثم طيه مرة أخرى، قومي بتكرار الحركة للأمام واليمين واليسار حتى يحصل كل العجين على فرصة للهواء؛ بعد عشر دقائق سيكون العجين جاهزًا للتخمير.

هذه الكمية مناسبة لصنع 30 رغيفًا صغيرًا و15 رغيفًا كبيرًا… لذا نبدأ في تقطيع العجين حسبنا نحتاج، ولكن نراعي أن نترك له المساحة الكافية ليختمر وأن يكون لدينا المساحة الكافية في الفرن إن اخترنا المضي قدمًا مع الأرغفة الكبيرة.

في صينية كبيرة وربما صاج الفرن، نمزج كوب من الدقيق الأبيض وكوب من الردة، ونقوم بفرشها في الصينية، وبيدان مبللتان بالماء والزيت، نقوم بتقطيع العجين وتشكيله على شكل كور، ثم نضعها على هذا المزيج بالصينية ونتركها لتختمر. عند تغطية العجين أفضل استخدام غطاء وسادة قطنية وفوقه غطاء من البلاستك «الـ stretch film يؤدي الغرض بتميز» وذلك حتى يستطيع العجين التنفس وبنفس الوقت لا يكون أي طبقات خشنة أو رقاقات يابسة. نترك كرات العجين لتختمر من 30 دقيقة إلى 45 دقيقة، ولاحظت أن الكمية التي تأخرت في وضعها في الفرن كانت طعمها أجمل وأخف؛ لذلك لا تقلقي من تركه ليستمر في اختماره ما دمت تركت له المساحة الكافية للتنفس وحرصت ألا ييبس. هذه المدة عموما هي المدة الأنسب لك لتحمية الفرن على أعلى درجة حرارة ممكنة ليكون ساخنًا للغاية عند استقباله للخبز!

في الخطوة الأخيرة وعلى سطح مرشوش بالدقيق والردة نبدأ بفرد العجين بالنشابة، ونحرص على أن يكون سمك الرغيف متوسطًا «في حدود الـ 0.5 سم»، نضع الخبز في الفرن على الرف الأسفل ونراقبه بينما يرتفع قليلًا قليلًا، إذا كان فرنك حاميًا من الأسفل فقط ستحتاجين إلى فتح الشواية، أما إذا كان حاميًا من أعلى وأسفل فما هي إلا دقيقتان من الانتفاخ وتلاحظين بدء الخبز تلونه… ما إن يبدأ في التلون فقد نضج تمامًا وحان وقت إخراجه.

تستمر الرحلة على هذا المنوال حتى تنتهي الكمية، وتكونين قد حضرت لمنزلك كمية لا بأس بها من الخبز المشبع الذي سينتظره الجميع نظرًا لرائحته التي بالتأكيد ستكون قد ملأت المنزل كاملًا عند هذه اللحظة.

لا يوجد أجمل ولا أدفئ من رائحة الخبز الطازج… إلا ربما القرفة والزعفران؛ ولكن تلك قصة أخرى.

IMG_6058

****

حصلت على هذه الوصفة من صديقتي الغالية سارة، التي لم يتسن لي احتضانها منذ العام 2015 ولا أعلم متى قد أراها مجددًا… لذا كانت الخبزة الأولى لي فوق الدفء دفئًا؛ وعلمت أننا في هذه اللحظة نتشارك رائحة المنزل ذاتها، وكان ذلك كفيلًا بمنحي فرصة لنوم هنيئ للغاية؛ لذا، فالعاقبة لكم.

محبتي وإخلاصي،
أسماء

لماذا نطهو؟ عودة لإنسانيتنا!

الحواوشي المصري… الاسم وحده يكفي